العقيدة الإسلامية : أسماء الله الحسنى : "القوي" " 1 " ـ لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم "القوي" .
سما الله جلّ جلاله ذاته العلية باسم "القوي" في كثير من النصوص القرآنية ، وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم معرفاً بأل ، مقترناً باسم الله العزيز في موضعين ، الأول قال تعالى :
﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾ .
وفي موضع آخر في قوله تعالى :
﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾ .
وورد أيضاً منوناً في خمسة مواضع منها قوله تعالى :
﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ .
أما في السنة فقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت عن يوم الخندق :
(( وبعث الله عز وجل الريح على المشركين فكفى الله عز وجل المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً )) .
أيها الأخوة ، "القوي" في اللغة صفة مشبهة للموصوف بالقوة ، وقد قوي ، وتقوى قوة فهو قوي ، يقال : قوى الله ضعفك أي أبدلك مكان الضعف قوة ، فالقوة نقيض الضعف ، والوهن ، والعجز ، وهي الاستعداد الذاتي ، والقدرة على الفعل ، وعدم العجز عن القيام به ، قال تعالى لسيدنا موسى (عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام) عن الألواح :
﴿ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ ﴾ .
أي خذها بقوة في دينك وحجتك ، وقال جلّ جلاله لسيدنا يحيى عليه السلام :
﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ﴾ .
أي بجد ، وعون من الله تعالى .
أيها الأخوة ، الله جلّ جلاله هو "القوي" بل هو "القوي" وحده ، ولا قوي سواه ، وكل قوة في الأرض مستمدة من قوة الله ، كل قوة في الأرض في الذوات والأشياء مستمدة من قوة الله تعالى ، تأييداً للمؤمنين ، أو استدراجاً لغير المؤمنين ، أو تسخيراً للجمادات ، لحكمة بالغةٍ بالغة عرفها من عرفها ، وجهلها من جهلها ، الآية الدقيقة أيها الأخوة ، يحتاجها كل واحد منا ، قال تعالى :
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾ .
العلماء قالوا : هناك حب في الله ، وهناك حب مع الله ، الحبّ في الله عين التوحيد والحبّ مع الله عين الشرك ، والفرق كبير بينهم ، إنك تحب الله ، محبة الله هي الأصل ، من لوازم هذه المحبة أن تحبّ رسوله ، أن تحبّ أنبياءه ، أن تحبّ رسله ، أن تحبّ أصحاب النبي جميعاً ، أن تحبّ المؤمنين ، أن تحبّ أولياء الله الصالحين ، أن تحبّ زوجتك ، أن تحبّ أولادك ، أن تحبّ المساجد ، أن تحبّ كتاب الله ، أن تحبّ قراءته ، أن تحبّ تفسيره ، أن تحبّ فهمه ، هذا حبّ في الله ، هناك حبّ أصلي ، وهناك فروع لهذه المحبة ، أما الحب مع الله أن تحب جهة لا يرضى الله عنها ، لكن مصلحتك مرتبطة بها ، هذا حب مع الله ، الأول عين التوحيد ، والثاني عين الشرك ، الآن :
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾ .
الإنسان لا يقول إنني أحب فلاناً كحب الله ، ليس في العالم الإسلامي من يجرؤ على أن يقول هذا ، لكن البطولة أن تكون في مستوى هذا الكلام ، الإنسان حينما يطيع إنساناً ويعصي خالقه ، إنه أحله محلّ العبادة ، أطاعه في معصية .
فالعبرة لا في الألفاظ ولكن في السلوك ، لو سألت مليار وخمسمئة مليون مسلم ألا تؤمن باليوم الآخر ؟ أنا أؤكد لكم أن واحداً من بين الستة آلاف مليون ، أو بين المليار والنصف بالدقة لا يقول لا ، يقول نعم ، لكن هل في عمل المسلمين ، أو في عمل بعض المسلمين ، أو في عمل معظم المسلمين ما يؤكد أنه مؤمن بالله واليوم الآخر ؟ الذي يأكل المال الحرام جهاراً نهاراً لا يؤمن باليوم الآخر إيماناً حقيقياً ، يؤمن باليوم الآخر إيماناً شكلياً هذا التكذيب العملي خطير جداً ، الذي يطيع زوجته ويعصي ربه ، الذي يغش المسلمين من أجل مبالغ معينة ، يراها أكبر من الله ، فلذلك : ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾ .
الآن النقطة الدقيقة : أن هذا الإنسان حينما عصى الله عز وجل لماذا ؟ من أجل بيت فخم ، من أجل امرأة جميلة ، من أجل سيارة فارهة ، من أجل منصب رفيع ، لماذا يعصي الله ؟ أُخذ بجمال هذه المرأة ، أُخذ بفخامة هذا البيت ، أُخذ بنعومة هذه المركبة ، إذاً هو الذي دفعه إلى أن يعصي الله الجمال ، وقد غاب عنه أن الجمال الحقيقي عند الله ، لأنه أصل الجمال ، وغاب عنه أن الكمال الحقيقي عند الله ، أن القوة الحقيقية عند الله ، وأنه أصل كل قوة ، والإنسان كما تعلمون مفطور على حبّ الكمال ، والجمال ، والنوال ، بين المؤمن وغير المؤمن ، المؤمن يعلم علم اليقين أن أصل الجمال ، وأصل الكمال ، وأصل النوال ، هو الله ، تعلق بالأصل وترك الفرع ، بينما غير المؤمن تعلق بالفروع ، تعلق بكائن قوي ، ونسي قوة الله ، تعلق بكائن جميل الصورة ، ونسي جمال الله ، وهكذا ، الآية ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾ .
كأن القوة هنا تعطي ملامح ثلاثة ، قوة في الجمال ، أو قوة في الكمال ، أو قوة في النوال (العطاء) ، الله المعطي ، منحك الوجود ، منحك نعمة الإيجاد .
﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ﴾ .
منحك قوة الإمداد ، منحك نعمة الهدى والرشاد ، منحك عقلاً ، منحك سمعاً وبصراً ، منحك محاكمة ، منحك زوجة ، منحك أولاداً ، منحك حرفة تتكسب بها ، منحك أشياء لا تعد ولا تحصى ، ﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ ﴾ :
﴿ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴾ .
لذلك أيها الأخوة ، أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً ، أي شيء تحبه لابدّ من أن يفارقك ، أو أن تفارقه ، شخص يحب امرأته حباً لا حدود له ، لابدّ من أن يموت قبلها ، أو تموت قبله .
إذاً إذا أحببت ما سوى الله الفراق حتمي ، الله عز وجل حي باقٍ على الدوام لذلك الصحابة الكرام ، قرأت عنهم كثيراً ، وجدت ملمحاً خطيراً أنهم جميعاً بينهم قاسم مشترك واحد ، وهو أنهم كانوا في أسعد لحظات حياتهم عند لقاء ربهم ، والقياس هو الموت هل تستطيع أن ترى الموت تحفة ؟ أن ترى الموت عرساً ؟ .
والله الذي لا إله إلا هو وا كربتاه يا أبتِ ، قال : لا كرب على أبيك بعد اليوم غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه .
هل يوجد حدث مستقبلي بحياتنا جميعاً أقوى من الموت ؟ هل يستطيع شخص من بني البشر بما فيهم الملوك والأنبياء أن ينجو من الموت ؟ أبداً ، أخطر حدث مستقبلي مغادرة الدنيا ، من هو العاقل ؟ من هو الذكي ؟ من هو الموفق ؟ من هو الفالح ؟ من هو الناجح ؟ الذي يتكيف مع هذه اللحظة .
1 ـ موصوف بالقوة لا يغلبه غالب :
أيها الأخوة ، "القوي" سبحانه وتعالى هو الموصوف بالقوة ، والإنسان في أصل فطرته يعجب بالـ "القوي" ، أنت اجلس بمجلس ، هناك عشرة رجال ، أحدهم قوي جداً يتمتع بمنصب رفيع ، تجد الحاضرون كلهم تنعقد أبصارهم عليه ، ينظرون إليه هكذا ، يسألونه ، خطف الأبصار كلها لأنه قوي ، و هناك إنسان آخر خطف الأبصار كلها لأنه غني ، وهناك إنسان أنيق جداً ، وسيم الطلعة ، وجهه لطيف ، الناس كلهم ينظرون إليه ، الجمال ، والكمال ، والنوال يجلب الأنظار ،فكيف إذا علمت أن كل جمال في الكون مسحة من جمال الله ، وكل كمال في البشر مسحة من كمال الله ؟
شخص أعطاك مركبة ، لكن الله منحك زوجة ، منحك أولاداً ، منحك أجهزة دقيقة جداً .
لذلك الله سبحانه وتعالى موصوف بالقوة ، وصاحب القدرة المطلقة ، لا يغلبه غالب ، وإن كان كلمة مؤلمة أحياناً : الإنسان يتعلق بالقوي ولو كان عدوه ، قوي ، أمره نافذ ، يتكلم ينفذ ، تجد حتى الدول التي تهزم من قبل الأقوياء القوي مع أنه عدو لكن ينتزع إعجاب الأفراد المهزومين ، فكيف بك إذا تعلقت بأقوى الأقوياء ، تعلقت بالـ"القوي" الحقيقي وقوته يمكن أن تنتفع بها ، أنت قوي إذا كنت مع القوي ، وأنت غني إذا كنت مع الغني وأنت عالم إذا كنت مع العالم ، وأنت حكيم إذا كنت مع الحكيم .
2 ـ قوي في فعله قادر على إتمامه :
قضية أسماء الله الحسنى أنا أرى أنها من أخطر الموضوعات في الدين ، الإنسان ضعيف ، يقوي ضعفه بالله ، يصبح قوياً ، والإنسان جاهل يلغي جهله بمعرفة الله ، الإنسان أحياناً ما عنده حكمة يكون حكيماً إذا اتصل بالله .
إذاً الله جلّ جلاله لا يغلبه غالب ، ولا يرد قضاؤه راد ، ولا يمنعه مانع ، ولا يدفعه دافع ، وهو "القوي" في فعله ، القادر على إتمام فعله ، أحياناً إنسان يبدأ لكن لا يتابع هناك عقبات كأداء حالت بينه وبين المتابعة .
3 ـ قوي في بطشه لا يعتريه ضعف أو قصور :
"القوي" في بطشه ، أحياناً إنسان طاغية يتفنن في إذلال العباد ، تأتي قدرة الله عز وجلّ فيبطش به ، ترتاح النفوس ، وسبحان من قهر عباده بالموت ، مطلق المشيئة والأمل في مملكته ، والله هو "القوي" سبحانه ، لا يعتريه ضعف أو قصور ، قيوم لا يتأثر بوهم أو فتور ، ينصر من نصره ، ويخذل من خذله .
﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾ .
هناك هدف للمسلمين الآن يفوق من أن ننتصر على أعدائنا وما أكثرهم ؟ أكبر هدف الراحة لنا أن ننتصر ، أن نستمع أننا أقوياء ، وانتصرنا ، النصر بيد الله ، وثمنه بيدنا الثمن أن ننصر الله ، أن ننصر دين الله ، ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾ .
﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾ .
وإذا كان الله معك فمن عليك ، وإذا كان عليك فمن معك ، ويا رب ماذا فقد من وجدك وماذا وجد من فقدك ؟
4 ـ كتب الغلبة لنفسه فقط :
و "القوي" سبحانه ، الذي كتب الغلبة لنفسه فقط ، بالمناسبة : أحياناً تأتي كلمة كتب مقترنة بفعل الله ، الله عنده كتابة ؟ نحن بني البشر نكتب ، لماذا ؟ الشيء إذا موثق بالكتابة مريح ، يقول لك : معي سند ، معي موافقة خطية ، معي إيصال ، معي عقد ، الإنسان من ضعفه بحياته هناك اتفاقات شفهية ، و اتفاقات كتابية ، أي اتفاق شفهي يُنكر ، أما الكتابة ثابتة ، فالله عز وجل مراعاة لعقليتنا يقول :
﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾ .
اطمئن .
﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ﴾ .
إذا جاءت كلمة كتب مقترنة بفعل الله عز وجل كي يطمئن عباده ، الآية : ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ﴾ .
﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ .
﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾ .
﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ .
﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ .
والله أيها الأخوة ، هذه آيات زوال الكون أهون على الله من ألا تتحقق ، لكن الكرة في ملعبنا ، علينا أن ننصر الله حتى نستحق نصره ، أنا أعود وأقول دائماً : اللهم انصرنا على أنفسنا حتى ننتصر لك ، حتى نستحق أن تنصرنا على أعدائنا ، والحديث الشريف :
(( هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ )) .
إذا نصرنا الضعيف ، الفقير ، الجائع ، المظلوم ينصرنا الله عز وجل .
5 ـ موصوف بالقوة المطلقة :
"القوي" هو الكامل ، القدرة على كل شيء ، الذي لا يستولي عليه العجز في حال من الأحوال ، والموصوف بالقوة المطلقة ، قال تعالى :
﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ .
﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾
أنت حينما تقول في الصلاة : سمع الله لمن حمده ، يعني أنا أسمعك يا عبدي .
(( إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ : هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ )) .
(( ولو علموا ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً )) .
وأنا أبشركم :
(( من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي ، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح )) .
فإذا أدركت العشاء والفجر في المسجد في جماعة فقد أخذت ضمانة من الله في اليوم بأكمله .
6 ـ متناهٍ في القوة :
"القوي" المتناهي في القوة ، الذي تتصاغر كل قوة أمام قوته ، يعني زلزال تسونامي يساوي مليون قنبلة ذرية ، هناك جزر انزاحت ، هناك حديث طويل عن هذا الزلزال هذا مثل لقوة الله عز وجل .
يتضاءل كل عظيم عند ذكر عظمته ، الله تعالى أعطى الملائكة قوة كبيرة يستطيع الملك بها أن يقتلع الجبال ، وأن يقلب المدن ، يقول لك : سبعة رختر ، يعني دمر كل شيء مدينة بأكملها ، أصبحت :
زلزال وقع في إزميت بتركيا هناك صورة عُرضت في البي بي سي ، في الموقع بالانترنيت تلفت النظر كل شيء في المدينة أصبح ركاماً ، تفتت المدينة فتاتاً عجيباً إلا مسجداً ، ومعهداً شرعياً ، هذه الصورة تركت أثراً بالعالم ، إزميت بأكملها أصبحت ركاماً ، أحياناً يكون في قطع كبيرة ، كل هذه المدينة قطع صغيرة ، الارتفاع متر تقريباً ، إلا مسجداً معهداً شرعياً ، هذه رسالة من الله .
7 ـ له كمال القدرة والعظمة ولا يعجزه شيء :
"القوي" هو الذي له كمال القدرة والعظمة ، ولا يعجزه شيء ، قال العلماء : "القوي" غالب لا يُغلب ، يُجير ولا يُجار عليه ، فقوته فوق كل قوي ، ما قولك أن تكون مع هذا "القوي" ؟ هل تخشى أحداً ؟ هل ترتعد فرائصك ؟ إذا كنت مع "القوي" فأنت "القوي" .
الإنسان أيها الأخوة ، يعجب بالقوة ، ويتأثر بالكمال ، وأحياناً يتطلع إلى الأقوياء ، والله سبحانه وتعالى من عظمته جلّ جلاله يجمع بين القوة وبين الكمال .
﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ .
الرحيم ، الرحمن ، اللطيف ، المعطي ، الحنان ، المنان ، هذه أسماء الكمال ، القوي ، الجبار ، المنتقم من أسماء القوة ، أنت مع قوي ومع رحيم ، مع قوي ومع لطيف ، مع قوي ومع كريم .
والإنسان لا يعجب بقوي لئيم ، ولا بمحسن ضعيف ، يعجبه أن تجتمع القوة والكمال في جهة واحدة ، الله وحده في كمالاته ، وفي قوته ، ما يملأ طموح الإنسان ، لذلك من عرف الله زهد فيما سواه .
أيها الأخوة ، التدين حاجة فطرية ، حتى أتباع الديانات الأرضية ، الوضعية يلبون حاجة في نفوسهم ، الإنسان خلق ضعيفاً ليفتقر في ضعفه ، فيسعد بافتقاره ، ولو خلق قوياً لاستغنى بقوته فشقي باستغنائه ، حتى أتباع الديانات الباطلة ، الوضعية ، المختلقة ، هم يلبون حاجة لأن الإنسان خلق ضعيفاً ، لحكمة بالغةٍ بالغة أن المسلم عرف "القوي" الحقيقي ، طبعاً هناك آلهة كالشمس ، والقمر ، والحجر ، والمدر ، والبقر ، آلهة في بعض البلاد ، فالمسلم من عظمة هذا الدين أنه تعرف إلى الإله القوي الحقيقي ، الذي هو معه .
والحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( القوي) : |
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم "القوي" .
ورود اسم القوي في القرآن الكريم و السنة الشريفة : |
سما الله جلّ جلاله ذاته العلية باسم "القوي" في كثير من النصوص القرآنية ، وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم معرفاً بأل ، مقترناً باسم الله العزيز في موضعين ، الأول قال تعالى :
﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾ .
( سورة هود ) .
وفي موضع آخر في قوله تعالى :
﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾ .
( سورة الشورى ) .
وورد أيضاً منوناً في خمسة مواضع منها قوله تعالى :
﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ .
( سورة الحج ) .
أما في السنة فقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت عن يوم الخندق :
(( وبعث الله عز وجل الريح على المشركين فكفى الله عز وجل المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً )) .
[رواه أحمد عن عائشة]
تعريف القوي في اللغة : |
أيها الأخوة ، "القوي" في اللغة صفة مشبهة للموصوف بالقوة ، وقد قوي ، وتقوى قوة فهو قوي ، يقال : قوى الله ضعفك أي أبدلك مكان الضعف قوة ، فالقوة نقيض الضعف ، والوهن ، والعجز ، وهي الاستعداد الذاتي ، والقدرة على الفعل ، وعدم العجز عن القيام به ، قال تعالى لسيدنا موسى (عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام) عن الألواح :
﴿ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ ﴾ .
( سورة الأعراف الآية : 145 ) .
أي خذها بقوة في دينك وحجتك ، وقال جلّ جلاله لسيدنا يحيى عليه السلام :
﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ﴾ .
( سورة مريم الآية : 12 ) .
أي بجد ، وعون من الله تعالى .
الحبّ في الله عين التوحيد والحبّ مع الله عين الشرك : |
أيها الأخوة ، الله جلّ جلاله هو "القوي" بل هو "القوي" وحده ، ولا قوي سواه ، وكل قوة في الأرض مستمدة من قوة الله ، كل قوة في الأرض في الذوات والأشياء مستمدة من قوة الله تعالى ، تأييداً للمؤمنين ، أو استدراجاً لغير المؤمنين ، أو تسخيراً للجمادات ، لحكمة بالغةٍ بالغة عرفها من عرفها ، وجهلها من جهلها ، الآية الدقيقة أيها الأخوة ، يحتاجها كل واحد منا ، قال تعالى :
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾ .
( سورة البقرة الآية : 165 ) .
العلماء قالوا : هناك حب في الله ، وهناك حب مع الله ، الحبّ في الله عين التوحيد والحبّ مع الله عين الشرك ، والفرق كبير بينهم ، إنك تحب الله ، محبة الله هي الأصل ، من لوازم هذه المحبة أن تحبّ رسوله ، أن تحبّ أنبياءه ، أن تحبّ رسله ، أن تحبّ أصحاب النبي جميعاً ، أن تحبّ المؤمنين ، أن تحبّ أولياء الله الصالحين ، أن تحبّ زوجتك ، أن تحبّ أولادك ، أن تحبّ المساجد ، أن تحبّ كتاب الله ، أن تحبّ قراءته ، أن تحبّ تفسيره ، أن تحبّ فهمه ، هذا حبّ في الله ، هناك حبّ أصلي ، وهناك فروع لهذه المحبة ، أما الحب مع الله أن تحب جهة لا يرضى الله عنها ، لكن مصلحتك مرتبطة بها ، هذا حب مع الله ، الأول عين التوحيد ، والثاني عين الشرك ، الآن :
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾ .
( سورة البقرة الآية : 165 ) .
من أطاع إنساناً و عصى خالقاً أطاعه في معصية : |
الإنسان لا يقول إنني أحب فلاناً كحب الله ، ليس في العالم الإسلامي من يجرؤ على أن يقول هذا ، لكن البطولة أن تكون في مستوى هذا الكلام ، الإنسان حينما يطيع إنساناً ويعصي خالقه ، إنه أحله محلّ العبادة ، أطاعه في معصية .
فالعبرة لا في الألفاظ ولكن في السلوك ، لو سألت مليار وخمسمئة مليون مسلم ألا تؤمن باليوم الآخر ؟ أنا أؤكد لكم أن واحداً من بين الستة آلاف مليون ، أو بين المليار والنصف بالدقة لا يقول لا ، يقول نعم ، لكن هل في عمل المسلمين ، أو في عمل بعض المسلمين ، أو في عمل معظم المسلمين ما يؤكد أنه مؤمن بالله واليوم الآخر ؟ الذي يأكل المال الحرام جهاراً نهاراً لا يؤمن باليوم الآخر إيماناً حقيقياً ، يؤمن باليوم الآخر إيماناً شكلياً هذا التكذيب العملي خطير جداً ، الذي يطيع زوجته ويعصي ربه ، الذي يغش المسلمين من أجل مبالغ معينة ، يراها أكبر من الله ، فلذلك : ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾ .
﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾ .
( سورة البقرة الآية : 165 ) .
الله عز وجل أصل الجمال و الكمال و النوال : |
الآن النقطة الدقيقة : أن هذا الإنسان حينما عصى الله عز وجل لماذا ؟ من أجل بيت فخم ، من أجل امرأة جميلة ، من أجل سيارة فارهة ، من أجل منصب رفيع ، لماذا يعصي الله ؟ أُخذ بجمال هذه المرأة ، أُخذ بفخامة هذا البيت ، أُخذ بنعومة هذه المركبة ، إذاً هو الذي دفعه إلى أن يعصي الله الجمال ، وقد غاب عنه أن الجمال الحقيقي عند الله ، لأنه أصل الجمال ، وغاب عنه أن الكمال الحقيقي عند الله ، أن القوة الحقيقية عند الله ، وأنه أصل كل قوة ، والإنسان كما تعلمون مفطور على حبّ الكمال ، والجمال ، والنوال ، بين المؤمن وغير المؤمن ، المؤمن يعلم علم اليقين أن أصل الجمال ، وأصل الكمال ، وأصل النوال ، هو الله ، تعلق بالأصل وترك الفرع ، بينما غير المؤمن تعلق بالفروع ، تعلق بكائن قوي ، ونسي قوة الله ، تعلق بكائن جميل الصورة ، ونسي جمال الله ، وهكذا ، الآية ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾ .
الله عزّ وجلّ منح الإنسان أشياء لا تعد و لا تحصى : |
﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ ﴾ .
( سورة البقرة الآية : 165 ) .
كأن القوة هنا تعطي ملامح ثلاثة ، قوة في الجمال ، أو قوة في الكمال ، أو قوة في النوال (العطاء) ، الله المعطي ، منحك الوجود ، منحك نعمة الإيجاد .
﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ﴾ .
( سورة الإنسان ) .
منحك قوة الإمداد ، منحك نعمة الهدى والرشاد ، منحك عقلاً ، منحك سمعاً وبصراً ، منحك محاكمة ، منحك زوجة ، منحك أولاداً ، منحك حرفة تتكسب بها ، منحك أشياء لا تعد ولا تحصى ، ﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ ﴾ :
﴿ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴾ .
( سورة البقرة الآية : 165 ) .
أسعد لحظات المؤمن عند لقاء ربه تعالى : |
لذلك أيها الأخوة ، أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً ، أي شيء تحبه لابدّ من أن يفارقك ، أو أن تفارقه ، شخص يحب امرأته حباً لا حدود له ، لابدّ من أن يموت قبلها ، أو تموت قبله .
إذاً إذا أحببت ما سوى الله الفراق حتمي ، الله عز وجل حي باقٍ على الدوام لذلك الصحابة الكرام ، قرأت عنهم كثيراً ، وجدت ملمحاً خطيراً أنهم جميعاً بينهم قاسم مشترك واحد ، وهو أنهم كانوا في أسعد لحظات حياتهم عند لقاء ربهم ، والقياس هو الموت هل تستطيع أن ترى الموت تحفة ؟ أن ترى الموت عرساً ؟ .
والله الذي لا إله إلا هو وا كربتاه يا أبتِ ، قال : لا كرب على أبيك بعد اليوم غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه .
هل يوجد حدث مستقبلي بحياتنا جميعاً أقوى من الموت ؟ هل يستطيع شخص من بني البشر بما فيهم الملوك والأنبياء أن ينجو من الموت ؟ أبداً ، أخطر حدث مستقبلي مغادرة الدنيا ، من هو العاقل ؟ من هو الذكي ؟ من هو الموفق ؟ من هو الفالح ؟ من هو الناجح ؟ الذي يتكيف مع هذه اللحظة .
الله جلّ جلاله سما ذاته العلية باسم "القوي" لأنه : |
1 ـ موصوف بالقوة لا يغلبه غالب :
أيها الأخوة ، "القوي" سبحانه وتعالى هو الموصوف بالقوة ، والإنسان في أصل فطرته يعجب بالـ "القوي" ، أنت اجلس بمجلس ، هناك عشرة رجال ، أحدهم قوي جداً يتمتع بمنصب رفيع ، تجد الحاضرون كلهم تنعقد أبصارهم عليه ، ينظرون إليه هكذا ، يسألونه ، خطف الأبصار كلها لأنه قوي ، و هناك إنسان آخر خطف الأبصار كلها لأنه غني ، وهناك إنسان أنيق جداً ، وسيم الطلعة ، وجهه لطيف ، الناس كلهم ينظرون إليه ، الجمال ، والكمال ، والنوال يجلب الأنظار ،فكيف إذا علمت أن كل جمال في الكون مسحة من جمال الله ، وكل كمال في البشر مسحة من كمال الله ؟
شخص أعطاك مركبة ، لكن الله منحك زوجة ، منحك أولاداً ، منحك أجهزة دقيقة جداً .
لذلك الله سبحانه وتعالى موصوف بالقوة ، وصاحب القدرة المطلقة ، لا يغلبه غالب ، وإن كان كلمة مؤلمة أحياناً : الإنسان يتعلق بالقوي ولو كان عدوه ، قوي ، أمره نافذ ، يتكلم ينفذ ، تجد حتى الدول التي تهزم من قبل الأقوياء القوي مع أنه عدو لكن ينتزع إعجاب الأفراد المهزومين ، فكيف بك إذا تعلقت بأقوى الأقوياء ، تعلقت بالـ"القوي" الحقيقي وقوته يمكن أن تنتفع بها ، أنت قوي إذا كنت مع القوي ، وأنت غني إذا كنت مع الغني وأنت عالم إذا كنت مع العالم ، وأنت حكيم إذا كنت مع الحكيم .
2 ـ قوي في فعله قادر على إتمامه :
قضية أسماء الله الحسنى أنا أرى أنها من أخطر الموضوعات في الدين ، الإنسان ضعيف ، يقوي ضعفه بالله ، يصبح قوياً ، والإنسان جاهل يلغي جهله بمعرفة الله ، الإنسان أحياناً ما عنده حكمة يكون حكيماً إذا اتصل بالله .
إذاً الله جلّ جلاله لا يغلبه غالب ، ولا يرد قضاؤه راد ، ولا يمنعه مانع ، ولا يدفعه دافع ، وهو "القوي" في فعله ، القادر على إتمام فعله ، أحياناً إنسان يبدأ لكن لا يتابع هناك عقبات كأداء حالت بينه وبين المتابعة .
3 ـ قوي في بطشه لا يعتريه ضعف أو قصور :
"القوي" في بطشه ، أحياناً إنسان طاغية يتفنن في إذلال العباد ، تأتي قدرة الله عز وجلّ فيبطش به ، ترتاح النفوس ، وسبحان من قهر عباده بالموت ، مطلق المشيئة والأمل في مملكته ، والله هو "القوي" سبحانه ، لا يعتريه ضعف أو قصور ، قيوم لا يتأثر بوهم أو فتور ، ينصر من نصره ، ويخذل من خذله .
﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾ .
( سورة محمد الآية : 7 ) .
هناك هدف للمسلمين الآن يفوق من أن ننتصر على أعدائنا وما أكثرهم ؟ أكبر هدف الراحة لنا أن ننتصر ، أن نستمع أننا أقوياء ، وانتصرنا ، النصر بيد الله ، وثمنه بيدنا الثمن أن ننصر الله ، أن ننصر دين الله ، ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾ .
﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾ .
( سورة آل عمران الآية : 160 ) .
وإذا كان الله معك فمن عليك ، وإذا كان عليك فمن معك ، ويا رب ماذا فقد من وجدك وماذا وجد من فقدك ؟
4 ـ كتب الغلبة لنفسه فقط :
و "القوي" سبحانه ، الذي كتب الغلبة لنفسه فقط ، بالمناسبة : أحياناً تأتي كلمة كتب مقترنة بفعل الله ، الله عنده كتابة ؟ نحن بني البشر نكتب ، لماذا ؟ الشيء إذا موثق بالكتابة مريح ، يقول لك : معي سند ، معي موافقة خطية ، معي إيصال ، معي عقد ، الإنسان من ضعفه بحياته هناك اتفاقات شفهية ، و اتفاقات كتابية ، أي اتفاق شفهي يُنكر ، أما الكتابة ثابتة ، فالله عز وجل مراعاة لعقليتنا يقول :
﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾ .
( سورة الأنعام الآية : 54 ) .
اطمئن .
﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ﴾ .
( سورة المجادلة الآية : 21 ) .
إذا جاءت كلمة كتب مقترنة بفعل الله عز وجل كي يطمئن عباده ، الآية : ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ﴾ .
هذه آيات زوال الكون أهون على الله من ألا تتحقق : |
﴿ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ .
( سورة المجادلة ) .
﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ .
( سورة غافر الآية : 51 ) .
﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾ .
( سورة آل عمران الآية : 160 ) .
﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ .
( سورة الصافات ) .
﴿ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ .
( سورة الروم ) .
والله أيها الأخوة ، هذه آيات زوال الكون أهون على الله من ألا تتحقق ، لكن الكرة في ملعبنا ، علينا أن ننصر الله حتى نستحق نصره ، أنا أعود وأقول دائماً : اللهم انصرنا على أنفسنا حتى ننتصر لك ، حتى نستحق أن تنصرنا على أعدائنا ، والحديث الشريف :
(( هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ )) .
[ البخاري عن مصعب بن سعد ]
إذا نصرنا الضعيف ، الفقير ، الجائع ، المظلوم ينصرنا الله عز وجل .
5 ـ موصوف بالقوة المطلقة :
"القوي" هو الكامل ، القدرة على كل شيء ، الذي لا يستولي عليه العجز في حال من الأحوال ، والموصوف بالقوة المطلقة ، قال تعالى :
﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ .
( سورة الحج ) .
﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾
( سورة طه ) .
أنت حينما تقول في الصلاة : سمع الله لمن حمده ، يعني أنا أسمعك يا عبدي .
(( إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ : هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ )) .
[ مسلم عن أبي هريرة]
(( ولو علموا ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً )) .
[أخرجه البخاري وابن خزيمة عن أبي هريرة ]
وأنا أبشركم :
(( من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله حتى يمسي ، ومن صلى العشاء في جماعة فهو في ذمة الله حتى يصبح )) .
[ أحمد]
فإذا أدركت العشاء والفجر في المسجد في جماعة فقد أخذت ضمانة من الله في اليوم بأكمله .
6 ـ متناهٍ في القوة :
"القوي" المتناهي في القوة ، الذي تتصاغر كل قوة أمام قوته ، يعني زلزال تسونامي يساوي مليون قنبلة ذرية ، هناك جزر انزاحت ، هناك حديث طويل عن هذا الزلزال هذا مثل لقوة الله عز وجل .
يتضاءل كل عظيم عند ذكر عظمته ، الله تعالى أعطى الملائكة قوة كبيرة يستطيع الملك بها أن يقتلع الجبال ، وأن يقلب المدن ، يقول لك : سبعة رختر ، يعني دمر كل شيء مدينة بأكملها ، أصبحت :
﴿ قَاعاً صَفْصَفاً ﴾ .
( سورة طه ) .
زلزال وقع في إزميت بتركيا هناك صورة عُرضت في البي بي سي ، في الموقع بالانترنيت تلفت النظر كل شيء في المدينة أصبح ركاماً ، تفتت المدينة فتاتاً عجيباً إلا مسجداً ، ومعهداً شرعياً ، هذه الصورة تركت أثراً بالعالم ، إزميت بأكملها أصبحت ركاماً ، أحياناً يكون في قطع كبيرة ، كل هذه المدينة قطع صغيرة ، الارتفاع متر تقريباً ، إلا مسجداً معهداً شرعياً ، هذه رسالة من الله .
7 ـ له كمال القدرة والعظمة ولا يعجزه شيء :
"القوي" هو الذي له كمال القدرة والعظمة ، ولا يعجزه شيء ، قال العلماء : "القوي" غالب لا يُغلب ، يُجير ولا يُجار عليه ، فقوته فوق كل قوي ، ما قولك أن تكون مع هذا "القوي" ؟ هل تخشى أحداً ؟ هل ترتعد فرائصك ؟ إذا كنت مع "القوي" فأنت "القوي" .
من عرف الله زهد فيما سواه : |
الإنسان أيها الأخوة ، يعجب بالقوة ، ويتأثر بالكمال ، وأحياناً يتطلع إلى الأقوياء ، والله سبحانه وتعالى من عظمته جلّ جلاله يجمع بين القوة وبين الكمال .
﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ .
( سورة الرحمن ) .
الرحيم ، الرحمن ، اللطيف ، المعطي ، الحنان ، المنان ، هذه أسماء الكمال ، القوي ، الجبار ، المنتقم من أسماء القوة ، أنت مع قوي ومع رحيم ، مع قوي ومع لطيف ، مع قوي ومع كريم .
والإنسان لا يعجب بقوي لئيم ، ولا بمحسن ضعيف ، يعجبه أن تجتمع القوة والكمال في جهة واحدة ، الله وحده في كمالاته ، وفي قوته ، ما يملأ طموح الإنسان ، لذلك من عرف الله زهد فيما سواه .
أيها الأخوة ، التدين حاجة فطرية ، حتى أتباع الديانات الأرضية ، الوضعية يلبون حاجة في نفوسهم ، الإنسان خلق ضعيفاً ليفتقر في ضعفه ، فيسعد بافتقاره ، ولو خلق قوياً لاستغنى بقوته فشقي باستغنائه ، حتى أتباع الديانات الباطلة ، الوضعية ، المختلقة ، هم يلبون حاجة لأن الإنسان خلق ضعيفاً ، لحكمة بالغةٍ بالغة أن المسلم عرف "القوي" الحقيقي ، طبعاً هناك آلهة كالشمس ، والقمر ، والحجر ، والمدر ، والبقر ، آلهة في بعض البلاد ، فالمسلم من عظمة هذا الدين أنه تعرف إلى الإله القوي الحقيقي ، الذي هو معه .
والحمد لله رب العالمين