قصيدة البردة للإمام البوصيري
مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا | علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم |
أمن تذكــــــر جيــــــرانٍ بذى ســــــلم | مزجت دمعا جَرَى من مقلةٍ بـــــدم |
َمْ هبَّــــت الريـــــحُ مِنْ تلقاءِ كاظمــةٍ | وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضم |
فما لعينيك إن قلت اكْفُفاهمتـــــــــــــــا | وما لقلبك إن قلت استفق يهـــــــــم |
أيحسب الصب أن الحب منكتـــــــــــم | ما بين منسجم منه ومضطــــــــرم |
لولا الهوى لم ترق دمعاً على طـــــللٍ | ولا أرقت لذكر البانِ والعلــــــــــمِ |
فكيف تنكر حباً بعد ما شـــــــــــــهدت | به عليك عدول الدمع والســـــــــقمِ |
وأثبت الوجد خطَّيْ عبرةٍ وضــــــــنى | مثل البهار على خديك والعنــــــــم |
نعم سرى طيف من أهوى فأرقنـــــــي | والحب يعترض اللذات بالألــــــــمِ |
يا لائمي في الهوى العذري معـــــذرة | مني إليك ولو أنصفت لم تلــــــــــمِ |
عدتك حالي لا سري بمســــــــــــــتتر | عن الوشاة ولا دائي بمنحســـــــــم |
محضتني النصح لكن لست أســـــمعهُ | إن المحب عن العذال في صــــــممِ |
إنى اتهمت نصيح الشيب في عـــــذلي | والشيب أبعد في نصح عن التهـــتـمِ |
في التحذير من هوى النفس | |
مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا | علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم |
فإن أمارتي بالسوءِ ما أتعظــــــــــــــت | من جهلها بنذير الشيب والهــــرم |
ولا أعدت من الفعل الجميل قــــــــــرى | ضيف ألم برأسي غير محتشــــــم |
لو كنت أعلم أني ما أوقــــــــــــــــــــره | كتمت سراً بدا لي منه بالكتــــــــمِ |
من لي برِّ جماحٍ من غوايتهـــــــــــــــا | كما يردُّ جماح الخيلِ باللُّجـــــــــُم |
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتهــــــــــا | إن الطعام يقوي شهوة النَّهـــــــــم |
والنفس كالطفل إن تهملهُ شبَّ علــــى | حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطــــم |
فاصرف هواها وحاذر أن توليــــــــــه | إن الهوى ما تولى يصم أو يصـــــم |
وراعها وهي في الأعمالِ ســــــــائمةٌ | وإن هي استحلت المرعى فلا تسم |
كم حسنت لذةً للمرءِ قاتلــــــــــــــــــة | من حيث لم يدرِ أن السم فى الدسم |
واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع | فرب مخمصةٍ شر من التخـــــــــــم |
واستفرغ الدمع من عين قد امتـــلأت | من المحارم والزم حمية النـــــــدمِ |
وخالف النفس والشيطان واعصهمــا | وإن هما محضاك النصح فاتَّهِـــــم |
ولا تطع منهما خصماً ولا حكمـــــــــاً | فأنت تعرف كيد الخصم والحكـــــم |
أستغفر الله من قولٍ بلا عمـــــــــــــلٍ | لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقــــــــــُم |
أمْرتُك الخير لكن ما ائتمرت بــــــــــه | وما اســـــتقمت فما قولى لك استقمِ |
ولا تزودت قبل الموت نافلــــــــــــــةً | ولم أصل سوى فرض ولم اصـــــم |