الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبة اجمعين
وبعد:فإنه من فضل الله ومنته أن جعل لعباده الصالحين مواسم يستكثرون فيها منالعمل الصالح ومن هذه المواسم عشر ذي الحجة . وقد ورد في فضلها أدلة منالكتاب والسنة منها :
...
1- قال تعالى : ( والفجر * وليالعشر ) قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابنعباس وابن الزبير و مجاهد وغيرهم .
2- عن ابن عباس قال : قالرسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلىالله من هذه الأيام العشر ) قالوا ولا الجهاد في سبيل الله قال : ( ولاالجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) .
3- قال تعالى : ( ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ) قال ابن عباس : أيام العشر .
4-عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من أيام أعظمعند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر . فأكثروافيهم من التهليل والتكبير والتحميد ) .
5- كان سعيد بن جبير ـ رحمه الله ـ وهو الذي روى حديث ابن عباس السابق إذا دخلت العشر اجتهد اجتهادا حتى ما يكاد يقدر عليه ) .
6-قال ابن حجر في الفتح: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكانإجتماع أمهات العبادة فيه ،وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يأتيذلك في غيره.
ما يستحب فعله في هذه الأيام :
1- الصلاة : يستحب التبكير إلى الفرائض، والإكثار من النوافل ، فإنها منأفضل القربات. روى ثوبان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولعليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك إليه بها درجة وحطعنك بها خطيئة) و هذا عام في كل وقت .
2- الصيام : لدخولهفي الأعمال الصالحة، فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلىالله عليه وسلم ، قالت (كان رسول الله يصوم تسع ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ،وثلاثة أيام من كل شهر) قال الإمام النووي عن صوم أيام العشر أنه مستحباستحباب شديدا.
و يجدر بنا الإشارة إلى استحباب صيام يوم عرفة لغيرالحاج استحبابا شديدا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (صوم يوم عرفة يكفرسنتين ماضية و مستقبلة وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية).
وهناكملحوظة مهمة وهي أنه لا يجوز صيام ايام التشريق-وهي الثلاث أيام بعدالنحر-وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة يطوف فيمنى ( أن لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل و شرب و ذكر الله عز وجل).
3-التكبير والتهليل والتحميد : لما ورد في حديث ابن عمر السابق : ( فأكثروافيهن من التهليل والتكبير والتحميد ). وقال الإمام البخاري ـ رحمه اللهـ(كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشرة يكبران ويكبرالناس بتكبيرهما ). وقال أيضا: ( وكان عمر يكبر في قبته فيسمعه أهل المسجدفيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا ) . وكان ابن عمر يكبربمنى تلك الأيام ، وخلف الصلوات وعلى فراشه ، وفي فسطاطه، و مجلسه وممشاهتلك الأيام جميعا ، والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة .وحريّ بنا نحن المسلمين أن نحيي هذه السنة الني فد أضيعت في هذه الأزمان،وتكاد تنسى حتى من أهل الصلاح والخير ـ وللأسف ـ بحلاف ما كان عليه السلفالصالح.
صيغة التكبير:
أ- الله أكبر .الله أكبر .الله أكبر كبيرا .
ب- الله أكبر .الله أكبر .لا إله إلا الله .والله أكبر . الله أكبر . ولله الحمد .
ج- الله أكبر .الله أكبر .الله أكبر . لا إله إلا الله . والله أكبر . الله أكبر ولله الحمد .
4-صيام يوم عرفة : يتأكد صوم يوم عرفة لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنهقال عن صوم يوم عرفة ( أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبلها والتيبعدها ). رواه مسلم . لكن من كان في عرفة ـ أي حاجاً ـ فإنه لا يستحب لهالصيام ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة مفطرا.
5- فضل يوم النحر : يغفل عن ذلك اليوم العظيم كثير من المسلمين ، وعنجلاله شأنه وعظم فضله الجم العفير من المؤمنين ، هذا مع أن بعض العلماءيرى أنه أفضل أيام السنة على الإطلاق حتى من يوم عرفة . قال ابن القيم ـرحمه الله ـ ( خيرالأيام عند الله يوم النحر ، وهو يوم الحج الأكبر ) كمافي سنن أبي داود عنه صلى الله عليه وسلم ( أن أعظم الأيام عند الله يومالنحر ، ثم يوم القر ) ـ ويوم القر هو يوم الاستقرار في منى ، وهو اليومالحادي عشر ـ وقيل يوم عرفة أفضل منه ، لأن صيامه يكفر سنتين ، وما من يوميعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفة ، ولأنه ـ سبحانه وتعالى ـيدنو فية من عباده ، ثم يباهي ملائكته بأهل الموقف ، والصواب : القولالأول ، لأن الحديث الدال على ذلك لا يعارضه شيء وسواء كان هو أفضل أم يومعرفة فليحرص المسلم ـ حاجا كان أن مقيما ـ على إدراك فضله ، وانتهاز فرصته.
بماذا نستقبل مواسم الخير:
1-حري بالمسلم أن يستقبل مواسم الخير عامة بالتوبة الصادقة النصوح ،وبالإقلاع عن الذنوب والمعاصي ، فإن الذنوب هي التي تحرم الإنسان فضل ربه، وتحجب قلبه عن مولاه .
2- كذلك تستقبل ـ مواسم الخير عامة ـبالعزم الصادق الجاد على اغتنام بما يرضى الله ـ عز وجل ـ فمن صدق اللهصدقه الله : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) العنكبوت 69
فياأخي المسلم وأختي المسلمة احرصوا على اغتنام هذه الفرصة السانحة، قبل أنتفوت عليك فتندم ولات ساعة مندم . وفقني الله وإياكم لاغتنام مواسم الخير، وأن يعيننا فيها على طاعته وحسن عبادته
وان يجمعنا جميعاً تحت ظل عرشه .. ونسعد بصحبة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ..
ونلتقي بأذنه تعالى في الفردوس الأعلى من الجنة
اللهــم آمـــــــيـــــــــن
انشرها وشاركنا أجر قارئيها ومنفذيها جزاك الله خيراً
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين