السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
من هو عبد الرحمان المجدوب
إنه قامة كبيرة في تراثنا الثقافي الشعبي ساهم في تحقيق الوحدة الثقافية
بين الشعبين الشقيقين المغربي والجزائري، وقد عاش في القرن السادس عشر
الذي يعد منعرجا سياسيا كبيرا في تاريخ المغرب الإسلامي، ولعل أبرز أحداثه
الطرد النهائي لمسلمي الأندلس الذين استماتوا في الدفاع عن هويتهم
الثقافية الإسلامية بعد إنهيار آخر كيانهم السياسي بسقوط إمارة غرناطة سنة
1492 أمام الإسبان الذين لم يكتفوا بطرد المسلمين من جنتهم المفقودة بل
حاولوا احتلال المغرب الكبير وتنصيره.
وأمام ضعف الدول المغاربية (السعديون والزيانيون والحفصيون) التي عجزت عن
صد التحرشات الإسبانية التي نجحت في إحتلال الجزائر (مرسى الكبير، جزيرة
البنيون بمدينة الجزائر، بجاية) توجب على الأهالي الاستنجاد بالأتراك
العثمانيين من أجل الدفاع عن دار الإسلام في جناحه الغربي.
تلكم هي الخلفية السياسية القاتمة التي عاش فيها الحكيم عبد الرحمن
المجذوب الذي ولد على ساحل المحيط الأطلسي بقرية "تيط" التي تعني
بالأمازيغية "العين" بقرب مدينة أزمور (الزيتونة) لينتقل بعدها إلى مدينتي
مكناس وفاس. ولا شك أن الانتقال من حياة البساطة في الريف إلى المدينة ذات
البذخ ورغد العيش قد أثر في حياته، فاختار حياة الحل والترحال والتجوال،
فساح في الأرض زاهدا في الدنيا، فتميز بمظهره الأغبر الذي لا يعكس منزلته
الاجتماعية المتميزة بسمو مكانته الثقافية بفضل امتلاكه لناصية الحكمة
التي صاغ فيها تجاربه وقولبها في أقوال مأثورة رباعية قصد النصيحة. وقد
دونت بعد وفاته لما فيها من النفع والاستفادة، وعلق على سوء وضعيته هذه
بقوله:
شافوني أكحَلْ معلَّف *** يحسبو ما فيَّ ذخيرة
وأنا كالكتاب المؤلَّف *** فيه منافع كثيرة
ورغم أنه جلس إلى حلقات العلم والدرس فأخذ عن العديد من
العلماء خاصة في مدينة فاس أمثال سيدي علي الصنهاجي، وسيدي أبي رُعََين
وسيدي عمر الخطاب الزرهوني، فإنه يعتبر ما ملكه من حكمة هبة من الله يهبها
لمن يشاء، وقال في هذا السياق :
كْسبْ في الدهر معزة *** وجبْت كلام رباعي
ماذا من أعطاه ربّي *** ويقول أعطاني أذراعي
لقد أضاف أهل زمانه إلى اسمه (عبد الرحمن بن عياد بن يعقوب بن
سلامة الصنهاجي الدكالي) لقب المجذوب، لزهده في الدنيا وانجذابه إلى حياة
التصوف. وكان يؤدي ما نسميه اليوم بدور المثقف في إطار مفهوم "القوال"
الذي يصدع بحكمته في الأسواق والحارات ومناسبات الولائم والمآتم، ولم يكن
يجامل أحدا أو يصانع حاكما لأن واجبه هو تنبيه الغافلين وإيقاظ النائمين :
عيّطتْ عيطة حْنينة *** فيّقتْ من كان نايم
ناضوا قلوبْ المحنة *** ورقدو قلوبْ البهايم
أكد عبد الرحمن المجذوب أن صلاح الأمة في صلاح حكامها وأمرائها، وقد تألم
لزيغهم وانحرافهم إلى حياة المجون والخلاعة والتباغض والتناحر، ولم يتعظوا
من درس الأندلس، فقد دفع حب السلطة والتشبث بالحكم إلى الاستنجاد بالعدو
الإسباني في تناحرهم مع إخوانهم من أجل الكرسي. وفضلا عن ذلك أثقل الحكام
كاهل العامة بالضرائب، وضعفت الدول حتى صار نفوذها لا يتجاوز حدود العاصمة
في غالب الأحيان، الأمر الذي أدى إلى اضطراب حبل الأمن، حتى عم الخوف
وتقلص العمران جراء الاضطرابات واللصوصية التي كشرت عن أنيابها. أما العلم
فقد تراجع في الحواضر فغاب الإبداع وصار طلاب العلم يتنافسون على تلخيص
وشرح أعمال السلف. وقد علق عبد الرحمن مجذوب على هذا الوضع السياسي
المتميز بالقلاقل والركود برباعية يحمّل فيها الحكام مسؤولية ما حدث حين
قال :
تخلطتْ ولا آبت تصفى *** ولعبْ خزْها فوقْ ماها
رياس على غيرْ مْرتبة *** هما أسبابْ خْلاها
لعب القول المأثور دورا في تحصين المجتمع بالقيم الأخلاقية، ولا شك أن
"القوال" كان في طليعة من أدوا هذا الدور التربوي والإعلامي، خاصة وأن
تأثير الكتاب في الماضي كان محدودا لصعوبة استنساخه وارتفاع تكاليفه التي
لم تكن في متناول العامة، فضلا عن غياب ما يسمى في وقتنا الحالي بالمكتبات
العمومية، وما دامت الحياة هي صراع بين الخير والشرـ فقد أثنى على فاعل
الخير الذي يستحق الشكر والتقدير فقال :
فاعل الخيرْ هنّيه *** بالفرح والشكر ديمة
وفاعل الشرْ خلّيه *** فعْله يرجع له غريمة
ولا شك أنه من الصفات المحمودة في المرء أن يتفادى الثرثرة وألا يكون
مهذارا، وأن يلتزم بآداب الحديث التي تعلمنا أن لكل مقام مقال، وأن خير
الكلام ما قل ودل. لذلك نصحنا بقوله :
كل دوايْ مسّوسْ *** يجيب لهليكة لراسُه
ويستهلْ ضربَة بموسْ *** حتى يبانو أضراسُه
فالثرثار (الدواي) يصير كلامه لفظا (مسوسا) كما انتقد التكاسل
الذي ينجب الفقر، مثل ذلك الكسول الذي يرفض العمل بحجة البرد شتاءا،
والحرارة صيفا :
الشر ما يظلم حدْ *** غيرْ مَن جَبذُه لراسُــه
في الشتاء يقول البرد *** وفي الصيف يغلبه نعاسه
ثم أكد عبد الرحمن المجذوب أن الفقر مذمم يصيب الإنسان في كرامته وإنسانيته:
ضْربتْ كفي لكفي *** وخممتْ في الأرض ساعة
صبْت قلة الشي ترشي *** وتْنوَّض من الجماعة
أما الغنى فإنه يرفع من مقام الإنسان:
الشاشية تطْيَع الراس *** الوجه تضويه الحسانة
المكْسِِِِي يقْعُد مع الناس *** العريان نوضوه من حذانا
وأكد أيضا قيمة الوقت في الحياة فهو –كما قيل- كالسيف إن لم تقطعه قطعك :
حطّيتْها تبردْ *** جاء من لقَّفها سْخونة
هذا دْوَا من يبرّد *** خيرْ المْوَاكَلْ سْخونة
وتحدث أيضا عن حصافة الرأي، ذاكرا أن اللبيب من يملك الفراسة
التي تجعله يتوقع الأمور ويحتاط لها قبل وقوعها، خاصة لمن يتبوؤون مناصب
المسؤولية، فمن واجبهم أن يستشرفوا الآتي بما لديهم من معطيات ومؤشرات،
فقال :
الشَّواف يشوف من قاع القصعة *** والغربال تْشوفْ منه قاعْ الناسْ
والكيَّسْ يعفسْ على راسْ الَّلفعة *** والعوَّامْ يْعومْ بحر لا يقاسْ
ثم تحدث عن كيد الزمان الذي قد يزري بأهل المعالي فيجعلهم في
الدرك الأسفل ويرفع من شأن اللئام فتسعى إليهم الوفود. ورغم تغيير الأزمان
فإن سخرية القدر مازالت قائمة في قوالب عصرية تبتسم للسفهاء الذين لا
يقيمون وزنا للقيم، لأن الغاية عندهم تبرر الوسيلة، فقال :
يَا ذَا الزمانْ يا الغدَّار *** يا كسرْني من ذراعي
طيَّحتْ من كان سلطان *** وركَّبتْ من كان راعي
أما المرأة ذلك المخلوق الذي ما زال يظلمه المجتمع الذكوري،
فقد وصفها بإيجابياتها وسلبياتها مع تغليبه للكفة لصالح الجانب الأخير،
واخترنا من رباعياته ما يناسب المقام منها :
واحدة رخيسة بماية ألف *** واحدة غالية بجلد قعودْ
واحده تْجيبْ الخيرْ مْعاها *** واحدة تطرده بعمودْ
وقال أيضا :
كيدْ النساءْ كيدِين *** ومَنْ كيدهم يا حْزوني
راكبة على ظهر السبع *** وتقول الحذاء ياكولني
إن ما تجدر الإشارة إليه أنه رغم انتساب هذه الأقوال المأثورة
إلى الكلام الملحون الذي لا يراعي قواعد اللغة، فإن ذلك لا ينفي عنها صفة
الإبداع وصفة الديوان الحاضن لثقافة المجتمع في كبوته وصحوته في سرائه
وضرائه في انكساراته وانتصاراته فهي باختصار مصدرا من مصادر التاريخ التي
يمكن أن تكشف عن أسرار كثيرة. لذلك فهي تستحق مكانة ولو متواضعة في
البرامج المدرسية. ولعل ذلك سيساعد على تيسير تداولها في المجتمع ويعيد
الإشراقة والمسحة الهوياتيه إلى الخطاب الشعبي الذي غزته العجمة وأفرغته
من محتواه الثقافي. وفي الوقت الذي كانت ترصع هذه الأقوال المأثورة قصائد
عمالقة الأغنية الشعبية كالحاج امحمد العنقاء والهاشمي قروابي وفضيلة
الدزيرية، فإن أخلاف هؤلاء قد أداروا ظهورهم لها، وفضلوا توشيح أغانيهم
بما يرطن به العوام حتى صار الشعر والنثر سيان.
وفي الأخير لا يفوتني أن ألفت انتباه من يهمهم أمر الثقافة أن
المطبعة الثعالبية لصاحبها رودوسي قدور بن مراد التي دأبت منذ القرن
الماضي على طبع هذا الكتاب وغيره، أنها تعد في حد ذاتها "معلما" من معالم
الثقافة الجزائرية الكائن مقرها بالقصبة السفلى. هي في حاجة إلى التفاتة
قد تساعدها على تجاوز العوائق للاستمرار في العطاء.
توفى رحمه الله عام ستة وسبعين وتسعمائة (12/12/976 هـ ودفن بمدينة مكناس وسط ضريح السلطان المولى إسماعيل.
شافوني اكحل مغلف يحسبوا ما فيا دخيرة
و انا كالكتاب المؤلف فيه منافع كثيرة
كسبت في الدهر معزة و جبت كلام رباعي
ماذا من عطاه ربي و يقول عطاني دراعي
لا تخمم لا تدبر لا ترفد الهم ديما
الفلك ما هو مسمر و لا الدنيا مقيمة
يا صاحب كن صبار اصبر على ما جرى لك
ارقد على الشوك عريان حتى يطلع نهارك
نرقد على الشوك عريان او نضحك للي جفاني
نصبر لنعوس الايام حتى ياتي زماني
الهم يستهل الغم و السترة ليه مليحة
رد الجلدة على الجرح تبرا و تولي صحيحة
نوصيك يا حارث الشيح و الشيح فيه المرورة
اللي تظن و تقطع عليه تاتيك منه الضرورة
نوصيك يا حارث الدوم و الدوم كثروا انفاعه
الدم ما ينفع الدم يا ويل من خانه درعه
الصمت حكمة و منه تتفرق الحكايم
لو ما نطق ولد اليمامة ما يجيه وليد الحنش هايم
الصمت الذهب المسجر و الكلام يفسد المسالة
اذا شفت لا تخبر و اذا سالوك قل لا لا
نوصيك يا واكل الراس في البير ارمي عظامه
اضحك و العب مع الناس فمك مثن له لجامه
يا زارع الخير حبة يا زارع الشر ياسر
مول الخير ينبا و مول الشر خاسر
لا تخمم في ضيق الحال شوف الاض الله ما اوسعها
الشدة تهزم الارذال اما الرجال لا تقطعها
انا اللي كنت ثقيل و رزين و خفيت بعد الرزانة
مشيت للرماد عامين اندور فيه على السخانة
عميت و صميت و خفيت بعد الرزانة
واش كانون عامين نستنى فيه السخانة
عيطت عيطة حنينة فيقت من كان نايم
ناضوا قلوب المحنة و رقدوا قلوب البهايم
اللفت ولات شحمة و تنباع بالسوم الغالي
في القلوب ما بقات رحمة شوف لحالي يا العالي
من يامنك كحل الراس ما شينك بطبيعة
السن يضحك للسن و القلب فيه الخديعة
سافر تعرف الناس و كبير القوم طيعه
كبير الكرش و الراس بنص فلس بيعه
طاقوا على الدين تركوه و تعاونوا على شريب القهاوي
الثوب من فوق نقوه و الجبح من تحت خاوي
لا تسرج حتى تلجم و اعقد عقدة صحيحة
لا تتكلم حتى تخمم لا تعود لك فضيحة
ما ازين النسا بضحكات لو كان فيها يدوموا
الحوت يعوم في الماء و هما بلا ما يعوموا
سوق النساء سوق مطيار يا داخله رد بالك
يوريوا لك من الربح قنطار و يديوا لك راس مالك
يا اللي تعيط قدام الباب عيط و كون فاهم
ما يفسد بين الاحباب غير النساء و الدراهم
فاعل الخير هنيه بالفرح و الشكر ديما
و فاعل الشر خليه فعله يرجع له غريمة
الارض فدان ربي و الخلق مجموع فيها
عزريل حصاد فريد مطامره في كل جهة
كل دواي مسموم يجيب الهلكة لراسه
و يستهل ضربة بموس حتى يبانوا اضراسه
ضربوه يستهل الضرب و الطريحة معمول عليها
هذاك جزاء من يوسع على الناس و نفسه يضيق عليها
رجل بلا مال محقور في الدنيا ما يسوى شي
المشرار كالدلو المقعور يوصل للماء يرجع بلا شي
نخدم على المال و نطيح و المال بيت الطناخة
رجل بلا مال كالريح مشرار و يحب الشياخة
الشر ما يظلم حد غير من جبده لراسه
في الشتاء يقول البرد و في الصيف يغلبه نعاسه
ضربت كفي لكفي و خممت في الارض ساعة
صبت قلة الشي ترشي و تنوض من الجماعة
الشاشية تضيع الراس الوجه تضويه الحسانة
المكسي يقعد مع الناس العريان نوضوه من حدانا
يا ذا الزمان يا الغدار يا كاسر لي من دراعي
طيحت من كان سلطان و ركبت من كان راعي
درت مطمورة في راس رافروف و متنتها من كل جانب
عهدي بالمطمورة متينة ساعة من تحت شارب
لا يعجبك نوار دفلة لا يعجبك نوار دفلة
لا يعجبك زين طفلة حتى تشوف الفعايل
سور الرمل لا تعليه و لا تعمق في لساسه
ولد الناس لا توصيه يكبر و يولي لناسه
القمح يسموه الربح دريه يمشي غباره
القلب اللي كان مهموم اللون يعطي اخباره
القمح هو الربح و دريه يصفى غباره
اذا بغيت تنجى من الناس من البلا تنهي صغاره
الخبز يا الخبز و الخبز هو الافادة
لو ما كان الخبز ما يكون دين و لا عبادة
نوصيك يا كاسر الخبز اعمل الكسرة الصغيرة
راه اللي جاك مرهام يرفد الكسرة الكبيرة
الخيل هبة من الريح و البل هي الشريفة
البغل قرصة من الهند و الحمار هو العيفة
اللي يركب يركب اشهب طرز الذهب في لجامه
اللي يدور يقول كلمة الحق يدير هراوة في حزامه
انا اللي رقيت في رقية و قعدت مثل الرصاص نذوب
من لا يقرا للزمان عقوبة يجي على راسه مقلوب
نوصيك يا واكل الخوخ من عشرة رد بالك
في النهار تظل منفوخ و في الليل تبات هالك
مهبول من يحرث الفول في شط مالح يلوحه
مهبول من ياخذ القول في صاحب عوض روحه
الدنيا مثلها دلاعة تتكركب مع جميع الدلاع
الحاذق يعطي معها ساعة و الجايح غدى معها قاع
جحش البغل لا تغنجيه و بالزيت تدهني جلوده
الصك و العض فيه هاذيك عادة جدوده
اذا ناض ريحك لوح التبن طول قامة
و اذا ما ناض لا تدوي و اطلب غير السلامة
بهت النساء بهتين من بهتهم جيت هارب
يتحزموا باللفاع و يتخللوا بالعقارب
كيد النساء كيدين و من كيدهم يا حزوني
راكبة على ظهر السبع و تقول الحداء ياكلوني
حديث النساء يونس و يعلم الفهامة
يديروا شركة مع الريح و يحسنوا لك بلا ماء
الدنيا مثلها دراعة ما يلبسها غير اللي يشطح
يلبسها و يدوح بها ساعة و ينكد عليها بعد ما يفرح
الدنيا مثلها دلاعة تتقرقب ما بين الدلاع
ماذا لحقوها من طماعة و رمتهم في بير ما له قاع
حطيتها تبرد جاء من لقفها سخونة
هذا دواء من يبرد خير المواكل سخونة
تخلطت و لا بغت تصفى و لعب خزها فوق ماها
رياس على غير مرتبة هما سبب خلاها
حوست شعبان و عرقوب و حوست عرب الزناقي
المال قطعة من القلب جربتها من عناقي
من جاور الجواد جاد بجودهم و من ناسب الارذال خاب ضناه
و من جاور قدرة انطلى بحمومها و من جاور صابون جاب نقاه
فاعل الشر مقبوض فاعل الخير سالك
بالك بالك بدراهمك جبتها لك
شيبني مرو يخمم من علق لاصقين في لهاته
هذاك به هم المراة عزوه يا ناس في حياته
الكاتبة تنادي و معها الخير و لو كان من بعيد تجيها
و الخاطي عليك من يديك يطير رزقك من قبل ما هو فيها
وحدة رخيصة بميات ألف وحدة غالية بجلد قعود
وحدة تجيب الخير معها وحدة تطرده بعمود
نوصيك يا حارث القديم بالك من دخانها لا يعميك
لا تدي المراة المعفونة تتعاون هي و الزمان عليك
اللي يركب يركب ازرق شعرة بشعرة سبيبه
و اللي يصحب يصحب العبد في كل حزة يصيبه
الاجواد ما يقولوا لا لا و حديثهم خطا و صواب
اذا قالك روح و تعالى هذيك مارة الكذاب
من لا يطعمك عند جوعك و لا يحضر لك في مصايب
لا تحسبه من فزوعك قد حاضر قد غايب
خبزة و القلب مشروح و الضحك هو ايدامه
خزار و الكبش مذبوح ما يلذشي علي طعامه
ما كان كالحرث تجارة ما كان كالأم حبيب
ما كان كالشر خسارة ما كان كالدين طليب
يا لايم لا تلومني في وسط الناس و اذا عينك في الملامة فرزني
الفضة الصافية ولات نحاس و الثوب اللي كان وافي عراني
حبيبي ان كان غضب ما صبت له طب بعد المحبة جفاني
نجيب القهوة و نصب و نحدثه بالمعاني
أنا قلبي رهيف ما يحمل تكليف و انتم يا لطيف ما فيكم رحمة
رفدتونا منين كان الحمل خفيف سيبتونا منين صرنا ضعفة
جبت اولادي يقلعوا تنكادي زادوني تنكاد على تنكاد
اذا كانوا الاولاد كيف اولادي لا يعطي لضانيين اولاد
قلبي تقطع بالمواس ما جاء برا نلوحه
من كان كواي للناس يصبر لكيات روحه
يا قايل العار كيفاش يحلى كلامك
تمرض و لا عدت توزار و تتفكر الناس عارك
مثلت روحي لحمام مبني على صهد ناره
من فوق ما بان دخان و من تحت طابوا احجاره
من الثلج عملت مطرح بالهوا غطيت روحي
من القمر عملت مصباح و بالنجوم ونست روحي
قلبي جاء بين المعلم و الزبرة و الحداد مشوم ما يشفق عليه
يردف له الضربة على الضربة و اذا برد يزيد النار عليه
ما يرقد في الليل مهموم اللي يحمل الذل مانع
ما يغسل العرض صابون ما يقلب القلب صانع
خفيف الاقدام ينمل لو كان وجهه مراية
قليل الاكتاف ينذل لو كان جهده عتاية
الامان يا ابني الامان و الامان يقطع الرقبة
حطيت يا ابني الاحسان جبت البلاء بلا سبة
حبيبك حبه و السر اللي بينكم اخفيه
اذا حبك حبه اكثر و اذا تركك لا تسال عليه
الصاحب لا تلاعبه و الناعر لا تفوت عليه
اللي حبك حبه اكثر و اللي باعك لا تشريه
اه يا محنتي عدت خماس و الثبن عمى عيوني
خمست على عرة الناس كي يوجد العشا يزعكوني
مكتوب ربي نوديه و الصبر واجب علينا
و اللي نحبوه نخليه يا ناس ما اعتاها غبينة
اذا هي دنيتك مهمومة و زمانك ما هو معك مليح
خلي الدرسة في التبن ملمومة و اسنتى حتى يهب الريح
يا قلب نكويك بالنار و اذا بريت نزيدك
يا قلب خلفت لي العار و تريد من لا يريدك
يا قلبي يا حامل الماء للعقبة و يا طراد الشمس مالك الا مهبول
لا تبغي من لا يحبك بمحبة و اذا حبك القلب غير خلي الناس تقول
اللي بغانا نبغوه على محبة الله نلموه
و اللي جفانا نجفوه هذاك تهنية منه
اللي حب الطلبة نحبوه و نعملوه فوق الراس عمامة
و اللي كره الطلبة نكرهوه حتى الى يوم القيامة
يا ويل من طاح في بير و صعب عنه طلوعه
فرفر ما صاب جنحين يبكي و سالوا دموعه
مثلت روحي لتبيب في كل شجرة ينادي
يعيط يا قلة الحبيب يا خروجي من بلادي
لا في الجبل واد معلوم و لا في الشتا ريح دافي
لا في العدو قلب مرحوم و لا في النسا عهد وافي
راح ذاك الزمان و ناسه و جا ذا الزمان بفاسه
و كل من يتكلم بالحق كسروا له راسه
السابق من الخيل تعتر و ربي يدبر عليها
و اذا يكلخ الفم ربي لا يحاسبني عليها
اعطاته الكف و الدف حتى رداته مثل الرغيفة
تقول دقيقها مسلف و الا كتسال للمعلم حسيفة
الدنيا يكنوها ناقة اذا عطفت بحليبها ترويك
و اذا عطفت ما تشد فيها لباقة تتكفح و لو كان في يديك
يا حسراه بعد اللية و الزبدة الطرية عدت نكدد في عظام الراس
و من بعد ركوبي على الشاحب العلوية عاد ركوبي على بغل نكاس
العبد اللي كان مذوب ما تعيبه كحولة
و الحر اللي كان مجعوب ما يسوى نص فولة
الشواف يشوف من قاع القصعة و الغربال تشوف منه قاع الناس
الكيس يعفس على راس اللفعة و العوام يعوم بحر لا يقاس
المصبط ما درى بالحافي و الزاهي يضحك على الهموم
اللي راقد على القطيفة دافي و العريان كي يجيه النوم
القرد مشى للغرب و الذيب داب راسه
لو كان الخير في البصل ما ينغرس على راسه
احرث يا الحراث و طيب راس المراجع
راه مال التجار ما زال ليك راجع
لا تجري لا تهقهق و امش مشية موافقة
ما تدي غير اللي كتب لك لو كان تموت بالشقا
اللي حبك حبه و في محبته كن صافي
و اللي كرهك لا تسبه و خليه تلقى العوافي
اللي طارت من سعود ايامها تتخبل في ريشها و تعيش
و اللي قعدت تا تعوس ايامها ما هي بالصحة و لا بالريش
الطير الطير ما ظنيته يطير من بعد ما والف
خلى قفصي و عمر قفص الغير رماني في بحور خلاني تالف
يا من درى شي الحال يصبح و تدوم لينا الشميسة
اللي عاش لابد يفرح و تزول عليه الغبينة
يا ناس من شاف دمي غابت عني السمية
للبحر نشكي بهمي ينشف يولي تنية
الزيت يخرج من الزيتونة و الفاهم يفهم لغات الطير
اللي ما تخرج كلمته ميزونة يحجرها في ضميره خير
اللي علينا احنا درناه و اللي على الله هو به ادرى
خيط المحبة فنيناه ما خصاته غير المدرا
الناس قالوا لي عجايب و انا طريقي مسرور
اذا صفيت مع ربي العبد ما فيه ضرور
عينك و حواجبك سود و سوالفك هندويلة
يا نابشة الارض بالعود اتكلمي يا هبيلة
يا الجايزات في الطريق يا مقورين العمايم
في راسكم شي عناية و الا راتعين كالبهايم
مسكين من ماتت امه و باباه في الحج غايب
و ما صاب حدان يلفه و ضحى بين الدواور سايب
حجيت سبع حجات و تبت سبع توبات
رجيت نفسي تبقى لغيرها لا بات
شفيتني يا المسكين و شفاني حالك
الزين ما تاخذه و الدين ما ينعطى لك
ادهن السير يسير و به ترطاب الخرازة
النقبة تجيب الطير من باب سوس لتازة.
بسم الله الرحمن الرحيم
من هو عبد الرحمان المجدوب
إنه قامة كبيرة في تراثنا الثقافي الشعبي ساهم في تحقيق الوحدة الثقافية
بين الشعبين الشقيقين المغربي والجزائري، وقد عاش في القرن السادس عشر
الذي يعد منعرجا سياسيا كبيرا في تاريخ المغرب الإسلامي، ولعل أبرز أحداثه
الطرد النهائي لمسلمي الأندلس الذين استماتوا في الدفاع عن هويتهم
الثقافية الإسلامية بعد إنهيار آخر كيانهم السياسي بسقوط إمارة غرناطة سنة
1492 أمام الإسبان الذين لم يكتفوا بطرد المسلمين من جنتهم المفقودة بل
حاولوا احتلال المغرب الكبير وتنصيره.
وأمام ضعف الدول المغاربية (السعديون والزيانيون والحفصيون) التي عجزت عن
صد التحرشات الإسبانية التي نجحت في إحتلال الجزائر (مرسى الكبير، جزيرة
البنيون بمدينة الجزائر، بجاية) توجب على الأهالي الاستنجاد بالأتراك
العثمانيين من أجل الدفاع عن دار الإسلام في جناحه الغربي.
تلكم هي الخلفية السياسية القاتمة التي عاش فيها الحكيم عبد الرحمن
المجذوب الذي ولد على ساحل المحيط الأطلسي بقرية "تيط" التي تعني
بالأمازيغية "العين" بقرب مدينة أزمور (الزيتونة) لينتقل بعدها إلى مدينتي
مكناس وفاس. ولا شك أن الانتقال من حياة البساطة في الريف إلى المدينة ذات
البذخ ورغد العيش قد أثر في حياته، فاختار حياة الحل والترحال والتجوال،
فساح في الأرض زاهدا في الدنيا، فتميز بمظهره الأغبر الذي لا يعكس منزلته
الاجتماعية المتميزة بسمو مكانته الثقافية بفضل امتلاكه لناصية الحكمة
التي صاغ فيها تجاربه وقولبها في أقوال مأثورة رباعية قصد النصيحة. وقد
دونت بعد وفاته لما فيها من النفع والاستفادة، وعلق على سوء وضعيته هذه
بقوله:
شافوني أكحَلْ معلَّف *** يحسبو ما فيَّ ذخيرة
وأنا كالكتاب المؤلَّف *** فيه منافع كثيرة
ورغم أنه جلس إلى حلقات العلم والدرس فأخذ عن العديد من
العلماء خاصة في مدينة فاس أمثال سيدي علي الصنهاجي، وسيدي أبي رُعََين
وسيدي عمر الخطاب الزرهوني، فإنه يعتبر ما ملكه من حكمة هبة من الله يهبها
لمن يشاء، وقال في هذا السياق :
كْسبْ في الدهر معزة *** وجبْت كلام رباعي
ماذا من أعطاه ربّي *** ويقول أعطاني أذراعي
لقد أضاف أهل زمانه إلى اسمه (عبد الرحمن بن عياد بن يعقوب بن
سلامة الصنهاجي الدكالي) لقب المجذوب، لزهده في الدنيا وانجذابه إلى حياة
التصوف. وكان يؤدي ما نسميه اليوم بدور المثقف في إطار مفهوم "القوال"
الذي يصدع بحكمته في الأسواق والحارات ومناسبات الولائم والمآتم، ولم يكن
يجامل أحدا أو يصانع حاكما لأن واجبه هو تنبيه الغافلين وإيقاظ النائمين :
عيّطتْ عيطة حْنينة *** فيّقتْ من كان نايم
ناضوا قلوبْ المحنة *** ورقدو قلوبْ البهايم
أكد عبد الرحمن المجذوب أن صلاح الأمة في صلاح حكامها وأمرائها، وقد تألم
لزيغهم وانحرافهم إلى حياة المجون والخلاعة والتباغض والتناحر، ولم يتعظوا
من درس الأندلس، فقد دفع حب السلطة والتشبث بالحكم إلى الاستنجاد بالعدو
الإسباني في تناحرهم مع إخوانهم من أجل الكرسي. وفضلا عن ذلك أثقل الحكام
كاهل العامة بالضرائب، وضعفت الدول حتى صار نفوذها لا يتجاوز حدود العاصمة
في غالب الأحيان، الأمر الذي أدى إلى اضطراب حبل الأمن، حتى عم الخوف
وتقلص العمران جراء الاضطرابات واللصوصية التي كشرت عن أنيابها. أما العلم
فقد تراجع في الحواضر فغاب الإبداع وصار طلاب العلم يتنافسون على تلخيص
وشرح أعمال السلف. وقد علق عبد الرحمن مجذوب على هذا الوضع السياسي
المتميز بالقلاقل والركود برباعية يحمّل فيها الحكام مسؤولية ما حدث حين
قال :
تخلطتْ ولا آبت تصفى *** ولعبْ خزْها فوقْ ماها
رياس على غيرْ مْرتبة *** هما أسبابْ خْلاها
لعب القول المأثور دورا في تحصين المجتمع بالقيم الأخلاقية، ولا شك أن
"القوال" كان في طليعة من أدوا هذا الدور التربوي والإعلامي، خاصة وأن
تأثير الكتاب في الماضي كان محدودا لصعوبة استنساخه وارتفاع تكاليفه التي
لم تكن في متناول العامة، فضلا عن غياب ما يسمى في وقتنا الحالي بالمكتبات
العمومية، وما دامت الحياة هي صراع بين الخير والشرـ فقد أثنى على فاعل
الخير الذي يستحق الشكر والتقدير فقال :
فاعل الخيرْ هنّيه *** بالفرح والشكر ديمة
وفاعل الشرْ خلّيه *** فعْله يرجع له غريمة
ولا شك أنه من الصفات المحمودة في المرء أن يتفادى الثرثرة وألا يكون
مهذارا، وأن يلتزم بآداب الحديث التي تعلمنا أن لكل مقام مقال، وأن خير
الكلام ما قل ودل. لذلك نصحنا بقوله :
كل دوايْ مسّوسْ *** يجيب لهليكة لراسُه
ويستهلْ ضربَة بموسْ *** حتى يبانو أضراسُه
فالثرثار (الدواي) يصير كلامه لفظا (مسوسا) كما انتقد التكاسل
الذي ينجب الفقر، مثل ذلك الكسول الذي يرفض العمل بحجة البرد شتاءا،
والحرارة صيفا :
الشر ما يظلم حدْ *** غيرْ مَن جَبذُه لراسُــه
في الشتاء يقول البرد *** وفي الصيف يغلبه نعاسه
ثم أكد عبد الرحمن المجذوب أن الفقر مذمم يصيب الإنسان في كرامته وإنسانيته:
ضْربتْ كفي لكفي *** وخممتْ في الأرض ساعة
صبْت قلة الشي ترشي *** وتْنوَّض من الجماعة
أما الغنى فإنه يرفع من مقام الإنسان:
الشاشية تطْيَع الراس *** الوجه تضويه الحسانة
المكْسِِِِي يقْعُد مع الناس *** العريان نوضوه من حذانا
وأكد أيضا قيمة الوقت في الحياة فهو –كما قيل- كالسيف إن لم تقطعه قطعك :
حطّيتْها تبردْ *** جاء من لقَّفها سْخونة
هذا دْوَا من يبرّد *** خيرْ المْوَاكَلْ سْخونة
وتحدث أيضا عن حصافة الرأي، ذاكرا أن اللبيب من يملك الفراسة
التي تجعله يتوقع الأمور ويحتاط لها قبل وقوعها، خاصة لمن يتبوؤون مناصب
المسؤولية، فمن واجبهم أن يستشرفوا الآتي بما لديهم من معطيات ومؤشرات،
فقال :
الشَّواف يشوف من قاع القصعة *** والغربال تْشوفْ منه قاعْ الناسْ
والكيَّسْ يعفسْ على راسْ الَّلفعة *** والعوَّامْ يْعومْ بحر لا يقاسْ
ثم تحدث عن كيد الزمان الذي قد يزري بأهل المعالي فيجعلهم في
الدرك الأسفل ويرفع من شأن اللئام فتسعى إليهم الوفود. ورغم تغيير الأزمان
فإن سخرية القدر مازالت قائمة في قوالب عصرية تبتسم للسفهاء الذين لا
يقيمون وزنا للقيم، لأن الغاية عندهم تبرر الوسيلة، فقال :
يَا ذَا الزمانْ يا الغدَّار *** يا كسرْني من ذراعي
طيَّحتْ من كان سلطان *** وركَّبتْ من كان راعي
أما المرأة ذلك المخلوق الذي ما زال يظلمه المجتمع الذكوري،
فقد وصفها بإيجابياتها وسلبياتها مع تغليبه للكفة لصالح الجانب الأخير،
واخترنا من رباعياته ما يناسب المقام منها :
واحدة رخيسة بماية ألف *** واحدة غالية بجلد قعودْ
واحده تْجيبْ الخيرْ مْعاها *** واحدة تطرده بعمودْ
وقال أيضا :
كيدْ النساءْ كيدِين *** ومَنْ كيدهم يا حْزوني
راكبة على ظهر السبع *** وتقول الحذاء ياكولني
إن ما تجدر الإشارة إليه أنه رغم انتساب هذه الأقوال المأثورة
إلى الكلام الملحون الذي لا يراعي قواعد اللغة، فإن ذلك لا ينفي عنها صفة
الإبداع وصفة الديوان الحاضن لثقافة المجتمع في كبوته وصحوته في سرائه
وضرائه في انكساراته وانتصاراته فهي باختصار مصدرا من مصادر التاريخ التي
يمكن أن تكشف عن أسرار كثيرة. لذلك فهي تستحق مكانة ولو متواضعة في
البرامج المدرسية. ولعل ذلك سيساعد على تيسير تداولها في المجتمع ويعيد
الإشراقة والمسحة الهوياتيه إلى الخطاب الشعبي الذي غزته العجمة وأفرغته
من محتواه الثقافي. وفي الوقت الذي كانت ترصع هذه الأقوال المأثورة قصائد
عمالقة الأغنية الشعبية كالحاج امحمد العنقاء والهاشمي قروابي وفضيلة
الدزيرية، فإن أخلاف هؤلاء قد أداروا ظهورهم لها، وفضلوا توشيح أغانيهم
بما يرطن به العوام حتى صار الشعر والنثر سيان.
وفي الأخير لا يفوتني أن ألفت انتباه من يهمهم أمر الثقافة أن
المطبعة الثعالبية لصاحبها رودوسي قدور بن مراد التي دأبت منذ القرن
الماضي على طبع هذا الكتاب وغيره، أنها تعد في حد ذاتها "معلما" من معالم
الثقافة الجزائرية الكائن مقرها بالقصبة السفلى. هي في حاجة إلى التفاتة
قد تساعدها على تجاوز العوائق للاستمرار في العطاء.
توفى رحمه الله عام ستة وسبعين وتسعمائة (12/12/976 هـ ودفن بمدينة مكناس وسط ضريح السلطان المولى إسماعيل.
شافوني اكحل مغلف يحسبوا ما فيا دخيرة
و انا كالكتاب المؤلف فيه منافع كثيرة
كسبت في الدهر معزة و جبت كلام رباعي
ماذا من عطاه ربي و يقول عطاني دراعي
لا تخمم لا تدبر لا ترفد الهم ديما
الفلك ما هو مسمر و لا الدنيا مقيمة
يا صاحب كن صبار اصبر على ما جرى لك
ارقد على الشوك عريان حتى يطلع نهارك
نرقد على الشوك عريان او نضحك للي جفاني
نصبر لنعوس الايام حتى ياتي زماني
الهم يستهل الغم و السترة ليه مليحة
رد الجلدة على الجرح تبرا و تولي صحيحة
نوصيك يا حارث الشيح و الشيح فيه المرورة
اللي تظن و تقطع عليه تاتيك منه الضرورة
نوصيك يا حارث الدوم و الدوم كثروا انفاعه
الدم ما ينفع الدم يا ويل من خانه درعه
الصمت حكمة و منه تتفرق الحكايم
لو ما نطق ولد اليمامة ما يجيه وليد الحنش هايم
الصمت الذهب المسجر و الكلام يفسد المسالة
اذا شفت لا تخبر و اذا سالوك قل لا لا
نوصيك يا واكل الراس في البير ارمي عظامه
اضحك و العب مع الناس فمك مثن له لجامه
يا زارع الخير حبة يا زارع الشر ياسر
مول الخير ينبا و مول الشر خاسر
لا تخمم في ضيق الحال شوف الاض الله ما اوسعها
الشدة تهزم الارذال اما الرجال لا تقطعها
انا اللي كنت ثقيل و رزين و خفيت بعد الرزانة
مشيت للرماد عامين اندور فيه على السخانة
عميت و صميت و خفيت بعد الرزانة
واش كانون عامين نستنى فيه السخانة
عيطت عيطة حنينة فيقت من كان نايم
ناضوا قلوب المحنة و رقدوا قلوب البهايم
اللفت ولات شحمة و تنباع بالسوم الغالي
في القلوب ما بقات رحمة شوف لحالي يا العالي
من يامنك كحل الراس ما شينك بطبيعة
السن يضحك للسن و القلب فيه الخديعة
سافر تعرف الناس و كبير القوم طيعه
كبير الكرش و الراس بنص فلس بيعه
طاقوا على الدين تركوه و تعاونوا على شريب القهاوي
الثوب من فوق نقوه و الجبح من تحت خاوي
لا تسرج حتى تلجم و اعقد عقدة صحيحة
لا تتكلم حتى تخمم لا تعود لك فضيحة
ما ازين النسا بضحكات لو كان فيها يدوموا
الحوت يعوم في الماء و هما بلا ما يعوموا
سوق النساء سوق مطيار يا داخله رد بالك
يوريوا لك من الربح قنطار و يديوا لك راس مالك
يا اللي تعيط قدام الباب عيط و كون فاهم
ما يفسد بين الاحباب غير النساء و الدراهم
فاعل الخير هنيه بالفرح و الشكر ديما
و فاعل الشر خليه فعله يرجع له غريمة
الارض فدان ربي و الخلق مجموع فيها
عزريل حصاد فريد مطامره في كل جهة
كل دواي مسموم يجيب الهلكة لراسه
و يستهل ضربة بموس حتى يبانوا اضراسه
ضربوه يستهل الضرب و الطريحة معمول عليها
هذاك جزاء من يوسع على الناس و نفسه يضيق عليها
رجل بلا مال محقور في الدنيا ما يسوى شي
المشرار كالدلو المقعور يوصل للماء يرجع بلا شي
نخدم على المال و نطيح و المال بيت الطناخة
رجل بلا مال كالريح مشرار و يحب الشياخة
الشر ما يظلم حد غير من جبده لراسه
في الشتاء يقول البرد و في الصيف يغلبه نعاسه
ضربت كفي لكفي و خممت في الارض ساعة
صبت قلة الشي ترشي و تنوض من الجماعة
الشاشية تضيع الراس الوجه تضويه الحسانة
المكسي يقعد مع الناس العريان نوضوه من حدانا
يا ذا الزمان يا الغدار يا كاسر لي من دراعي
طيحت من كان سلطان و ركبت من كان راعي
درت مطمورة في راس رافروف و متنتها من كل جانب
عهدي بالمطمورة متينة ساعة من تحت شارب
لا يعجبك نوار دفلة لا يعجبك نوار دفلة
لا يعجبك زين طفلة حتى تشوف الفعايل
سور الرمل لا تعليه و لا تعمق في لساسه
ولد الناس لا توصيه يكبر و يولي لناسه
القمح يسموه الربح دريه يمشي غباره
القلب اللي كان مهموم اللون يعطي اخباره
القمح هو الربح و دريه يصفى غباره
اذا بغيت تنجى من الناس من البلا تنهي صغاره
الخبز يا الخبز و الخبز هو الافادة
لو ما كان الخبز ما يكون دين و لا عبادة
نوصيك يا كاسر الخبز اعمل الكسرة الصغيرة
راه اللي جاك مرهام يرفد الكسرة الكبيرة
الخيل هبة من الريح و البل هي الشريفة
البغل قرصة من الهند و الحمار هو العيفة
اللي يركب يركب اشهب طرز الذهب في لجامه
اللي يدور يقول كلمة الحق يدير هراوة في حزامه
انا اللي رقيت في رقية و قعدت مثل الرصاص نذوب
من لا يقرا للزمان عقوبة يجي على راسه مقلوب
نوصيك يا واكل الخوخ من عشرة رد بالك
في النهار تظل منفوخ و في الليل تبات هالك
مهبول من يحرث الفول في شط مالح يلوحه
مهبول من ياخذ القول في صاحب عوض روحه
الدنيا مثلها دلاعة تتكركب مع جميع الدلاع
الحاذق يعطي معها ساعة و الجايح غدى معها قاع
جحش البغل لا تغنجيه و بالزيت تدهني جلوده
الصك و العض فيه هاذيك عادة جدوده
اذا ناض ريحك لوح التبن طول قامة
و اذا ما ناض لا تدوي و اطلب غير السلامة
بهت النساء بهتين من بهتهم جيت هارب
يتحزموا باللفاع و يتخللوا بالعقارب
كيد النساء كيدين و من كيدهم يا حزوني
راكبة على ظهر السبع و تقول الحداء ياكلوني
حديث النساء يونس و يعلم الفهامة
يديروا شركة مع الريح و يحسنوا لك بلا ماء
الدنيا مثلها دراعة ما يلبسها غير اللي يشطح
يلبسها و يدوح بها ساعة و ينكد عليها بعد ما يفرح
الدنيا مثلها دلاعة تتقرقب ما بين الدلاع
ماذا لحقوها من طماعة و رمتهم في بير ما له قاع
حطيتها تبرد جاء من لقفها سخونة
هذا دواء من يبرد خير المواكل سخونة
تخلطت و لا بغت تصفى و لعب خزها فوق ماها
رياس على غير مرتبة هما سبب خلاها
حوست شعبان و عرقوب و حوست عرب الزناقي
المال قطعة من القلب جربتها من عناقي
من جاور الجواد جاد بجودهم و من ناسب الارذال خاب ضناه
و من جاور قدرة انطلى بحمومها و من جاور صابون جاب نقاه
فاعل الشر مقبوض فاعل الخير سالك
بالك بالك بدراهمك جبتها لك
شيبني مرو يخمم من علق لاصقين في لهاته
هذاك به هم المراة عزوه يا ناس في حياته
الكاتبة تنادي و معها الخير و لو كان من بعيد تجيها
و الخاطي عليك من يديك يطير رزقك من قبل ما هو فيها
وحدة رخيصة بميات ألف وحدة غالية بجلد قعود
وحدة تجيب الخير معها وحدة تطرده بعمود
نوصيك يا حارث القديم بالك من دخانها لا يعميك
لا تدي المراة المعفونة تتعاون هي و الزمان عليك
اللي يركب يركب ازرق شعرة بشعرة سبيبه
و اللي يصحب يصحب العبد في كل حزة يصيبه
الاجواد ما يقولوا لا لا و حديثهم خطا و صواب
اذا قالك روح و تعالى هذيك مارة الكذاب
من لا يطعمك عند جوعك و لا يحضر لك في مصايب
لا تحسبه من فزوعك قد حاضر قد غايب
خبزة و القلب مشروح و الضحك هو ايدامه
خزار و الكبش مذبوح ما يلذشي علي طعامه
ما كان كالحرث تجارة ما كان كالأم حبيب
ما كان كالشر خسارة ما كان كالدين طليب
يا لايم لا تلومني في وسط الناس و اذا عينك في الملامة فرزني
الفضة الصافية ولات نحاس و الثوب اللي كان وافي عراني
حبيبي ان كان غضب ما صبت له طب بعد المحبة جفاني
نجيب القهوة و نصب و نحدثه بالمعاني
أنا قلبي رهيف ما يحمل تكليف و انتم يا لطيف ما فيكم رحمة
رفدتونا منين كان الحمل خفيف سيبتونا منين صرنا ضعفة
جبت اولادي يقلعوا تنكادي زادوني تنكاد على تنكاد
اذا كانوا الاولاد كيف اولادي لا يعطي لضانيين اولاد
قلبي تقطع بالمواس ما جاء برا نلوحه
من كان كواي للناس يصبر لكيات روحه
يا قايل العار كيفاش يحلى كلامك
تمرض و لا عدت توزار و تتفكر الناس عارك
مثلت روحي لحمام مبني على صهد ناره
من فوق ما بان دخان و من تحت طابوا احجاره
من الثلج عملت مطرح بالهوا غطيت روحي
من القمر عملت مصباح و بالنجوم ونست روحي
قلبي جاء بين المعلم و الزبرة و الحداد مشوم ما يشفق عليه
يردف له الضربة على الضربة و اذا برد يزيد النار عليه
ما يرقد في الليل مهموم اللي يحمل الذل مانع
ما يغسل العرض صابون ما يقلب القلب صانع
خفيف الاقدام ينمل لو كان وجهه مراية
قليل الاكتاف ينذل لو كان جهده عتاية
الامان يا ابني الامان و الامان يقطع الرقبة
حطيت يا ابني الاحسان جبت البلاء بلا سبة
حبيبك حبه و السر اللي بينكم اخفيه
اذا حبك حبه اكثر و اذا تركك لا تسال عليه
الصاحب لا تلاعبه و الناعر لا تفوت عليه
اللي حبك حبه اكثر و اللي باعك لا تشريه
اه يا محنتي عدت خماس و الثبن عمى عيوني
خمست على عرة الناس كي يوجد العشا يزعكوني
مكتوب ربي نوديه و الصبر واجب علينا
و اللي نحبوه نخليه يا ناس ما اعتاها غبينة
اذا هي دنيتك مهمومة و زمانك ما هو معك مليح
خلي الدرسة في التبن ملمومة و اسنتى حتى يهب الريح
يا قلب نكويك بالنار و اذا بريت نزيدك
يا قلب خلفت لي العار و تريد من لا يريدك
يا قلبي يا حامل الماء للعقبة و يا طراد الشمس مالك الا مهبول
لا تبغي من لا يحبك بمحبة و اذا حبك القلب غير خلي الناس تقول
اللي بغانا نبغوه على محبة الله نلموه
و اللي جفانا نجفوه هذاك تهنية منه
اللي حب الطلبة نحبوه و نعملوه فوق الراس عمامة
و اللي كره الطلبة نكرهوه حتى الى يوم القيامة
يا ويل من طاح في بير و صعب عنه طلوعه
فرفر ما صاب جنحين يبكي و سالوا دموعه
مثلت روحي لتبيب في كل شجرة ينادي
يعيط يا قلة الحبيب يا خروجي من بلادي
لا في الجبل واد معلوم و لا في الشتا ريح دافي
لا في العدو قلب مرحوم و لا في النسا عهد وافي
راح ذاك الزمان و ناسه و جا ذا الزمان بفاسه
و كل من يتكلم بالحق كسروا له راسه
السابق من الخيل تعتر و ربي يدبر عليها
و اذا يكلخ الفم ربي لا يحاسبني عليها
اعطاته الكف و الدف حتى رداته مثل الرغيفة
تقول دقيقها مسلف و الا كتسال للمعلم حسيفة
الدنيا يكنوها ناقة اذا عطفت بحليبها ترويك
و اذا عطفت ما تشد فيها لباقة تتكفح و لو كان في يديك
يا حسراه بعد اللية و الزبدة الطرية عدت نكدد في عظام الراس
و من بعد ركوبي على الشاحب العلوية عاد ركوبي على بغل نكاس
العبد اللي كان مذوب ما تعيبه كحولة
و الحر اللي كان مجعوب ما يسوى نص فولة
الشواف يشوف من قاع القصعة و الغربال تشوف منه قاع الناس
الكيس يعفس على راس اللفعة و العوام يعوم بحر لا يقاس
المصبط ما درى بالحافي و الزاهي يضحك على الهموم
اللي راقد على القطيفة دافي و العريان كي يجيه النوم
القرد مشى للغرب و الذيب داب راسه
لو كان الخير في البصل ما ينغرس على راسه
احرث يا الحراث و طيب راس المراجع
راه مال التجار ما زال ليك راجع
لا تجري لا تهقهق و امش مشية موافقة
ما تدي غير اللي كتب لك لو كان تموت بالشقا
اللي حبك حبه و في محبته كن صافي
و اللي كرهك لا تسبه و خليه تلقى العوافي
اللي طارت من سعود ايامها تتخبل في ريشها و تعيش
و اللي قعدت تا تعوس ايامها ما هي بالصحة و لا بالريش
الطير الطير ما ظنيته يطير من بعد ما والف
خلى قفصي و عمر قفص الغير رماني في بحور خلاني تالف
يا من درى شي الحال يصبح و تدوم لينا الشميسة
اللي عاش لابد يفرح و تزول عليه الغبينة
يا ناس من شاف دمي غابت عني السمية
للبحر نشكي بهمي ينشف يولي تنية
الزيت يخرج من الزيتونة و الفاهم يفهم لغات الطير
اللي ما تخرج كلمته ميزونة يحجرها في ضميره خير
اللي علينا احنا درناه و اللي على الله هو به ادرى
خيط المحبة فنيناه ما خصاته غير المدرا
الناس قالوا لي عجايب و انا طريقي مسرور
اذا صفيت مع ربي العبد ما فيه ضرور
عينك و حواجبك سود و سوالفك هندويلة
يا نابشة الارض بالعود اتكلمي يا هبيلة
يا الجايزات في الطريق يا مقورين العمايم
في راسكم شي عناية و الا راتعين كالبهايم
مسكين من ماتت امه و باباه في الحج غايب
و ما صاب حدان يلفه و ضحى بين الدواور سايب
حجيت سبع حجات و تبت سبع توبات
رجيت نفسي تبقى لغيرها لا بات
شفيتني يا المسكين و شفاني حالك
الزين ما تاخذه و الدين ما ينعطى لك
ادهن السير يسير و به ترطاب الخرازة
النقبة تجيب الطير من باب سوس لتازة.