،،،،،،
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
يتساءل الكثير عن حكم مشروعية الرقية على الحائض والنفساء ، وكذلك حكم رقية الحائض والنفساء لغيرها من النساء ، وتحت هذا العنوان لا بد من إيضاح أن المعالج لا بد له من توفر الطهارة من الحدث الأكبر ، ولا يجوز له أن يقرأ حرفا واحدا من القرآن وهو على جنابة ، أما بالنسبة للمريض فالأكمل أن يكون طاهرا أيضا ، ولكنه ولدواعي الضرورة فلا يرى بأسا برقية الحائض والنفساء بسبب الإيذاء والضرر الشديد الذي قد ينالها نتيجة ذلك المرض ، وهذا ما ذهب إليه أهل العلم بخصوص هذه المسألة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( وأما قراءة الجنب والحائض للقرآن فللعلماء فيه ثلاثة أقوال :
* قيل : يجوز لهذا ولهذا . وهو مذهب أبي حنيفة والمشهور من مذهب الشافعي وأحمد .
* وقيل : لا يجوز للجنب ، ويجوز للحائض . إما مطلقاً ، أو إذا خافت النسيان . وهو مذهب مالك . وقول في مذهب أحمد وغيره . فإن قراءة الحائض القرآن لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء غير الحديث المروي عن اسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر " لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئاً " ( ضعيف الجامع – 6364 ) رواه أبو داود وغيره . وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث .
واسماعيل بن عياش ما يرويه عن الحجازيين أحاديث ضعيفة ؛ بخلاف روايته عن الشاميين ، ولم يرو هذا عن نافع أحد من الثقات ، ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن ينههن عن قراءة القرآن . كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء بل أمر الحيّض أن يخرجن يوم العيد ، فيكبرون بتكبير المسلمين . وأمر الحائض أن تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت : تلبي وهي حائض ، وكذلك بمزدلفة ومنى ، وغير ذلك من المشاعر .
فعلم أن الحائض يرخص لها فيما لا يرخص للجنب فيه ؛ لأجل العذر . وإن كانت عدتها أغلظ ، فكذلك قراءة القرآن لم ينهها الشارع عن ذلك ) ( مجموع الفتاوى - 21 / 459 ) .
قلت : يتبين من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - جواز قراءة القرآن للحائض دون الجنب ، وهو الراجح من أقوال أهل العلم ، فإن كان يجوز لها قراءة القرآن دون مس المصحف ، فمن باب أولى أن ترقى بالرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة ، خاصة إذا دعت الحاجة لذلك وابتليت بمرض من الأمراض التي تصيب النفس البشرية من صرع أو سحر أو عين ، والله تعالى أعلم .
ئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - عن جواز رقية المريض والجنب والحائض فأجاب : ( يشترط لقارئ القرآن الطهارة من الحدث الأكبر ، الذي يوجب الغسل ، كالجنابة والحيض ، وأما المريض فالأكمل أن يكون طاهرا أيضا ، لكن إذا مرضت الحائض وتضررت جازت القراءة عليها زمن الحيض للحاجة ، سواء كان المرض بالمس أو السحر أو العين ) ( الفتاوى الذهبية – ص 34 ، وأنظر إلى " الكنز الثمين " – 1 / 195 ) .
* وهل يجوز أن ترقي المرأة الحائض غيرها من النساء ؟؟؟
]قال فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين : ( لا بأس برقية المرأة الحائض أو المريضة وكذا النفساء ، وسواء كانت راقية أم مرقية ، أي فيجوز عند الحاجة أن الحائض ترقي غيرها وتقرأ على المريض الآيات المأثورة والأدعية الصحيحة ، وذلك أنه يجوز لها قراءة الآيات التي فيها دعاء وذكر حيث لم تمنع إلا من تلاوة القرآن ، فأما الأوراد والأدعية فلها التقرب بها ولو كانت من القرآن والحديث ، ومتى جاز للحائض أن ترقي غيرها جاز أن يرقيها الراقي ويقرأ عليها من الآيات المأثور استعمالها ، ولا يمنع التأثير كونها في الحال حائضا أو نفساء ) ( فتح الحق المبين في أحكام رقى الصرع والسحر والعين – 413 ، 414 ) .
ومن هنا فإنه يتضح جلياً جواز رقية الحائض والنفساء حيث يعد هذا الأمر من الأمور الاضطرارية ، وكذلك لها رقية الغير من النساء تحت نفس الظروف ، سائلاً المولى عز وجل أن يوفقنا للعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، والله تعالى أعلم .
بارك الله في الجميع ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية